إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229302 مشاهدة
الاستبراء

وأما الاستبراء: فهو تربص الأمة التي كان سيدها يطؤها.
فلا يطؤها بعده زوج أو سيد: حتى تحيض حيضة واحدة، وإن لم تكن من ذوات الحيض تستبرأ بشهر، أو وضع حملها إن كانت حاملاً.


ثانيا: الاستبراء:
قوله: (وأما الاستبراء: فهو تربص الأمة التي كان سيدها يطؤها، فلا يطؤها بعده زوج... الخ):
الاستبراء هو: استبراء الأمة التي كان سيدها يطؤها قبل أن يطؤها بعده أحد، سواء كان زوج أو سيد آخر، وقد يكون أيضًا لغير الأمة.
فمثلا: إذا كان لسيد أمة يطؤها ثم مات سيدها وانتقلت إلى ولده فلا يطؤها الولد حتى يستبرئها بحيضة بعد الموت.
وكذلك إذا وطأها السيد وأراد بيعها، فلا يحل له أن يبيعها حتى يستبرئها بحيضة ليتحقق من براءة رحمها، وكذلك إذا اشترى السيد أمة، وعرف أنها مملوكة فلا يحل له أن يطأها حتى تحيض حيضة تستبرئ رحمها.
وكذلك لو كان السيد يريد أن يزوج أمته وكان يطؤها فلا يزوجها حتى يستبرئها بحيضة، وذلك كله احتياطًا للحمل حتى لا تختلط الأنساب.
وإذا لم تكن من ذوات الحيض كالآيسة والصغيرة فإنها تستبرئ بشهر فإن كانت حاملا فإنها تستبرئ بوضع الحمل، يعني: إذا كانت الأمة قد زوجها سيدها وحملت من الزوج، ثم طلقها الزوج، فإن سيدها لا يطؤها حتى تضع حملها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: فلا يسقي ماءه ولد غيره . والله أعلم.